توماس سويل هو خبير اقتصادي وباحث اجتماعي وكاتب؛ رفع التحدي ليعيد النظر في عديد من الافتراضات المقبولة على نطاق واسع فيما يخصّ الهوية والأيديولوجيا، في عصر يجادل فيه العديد من القادة السود بأن الهوية العرقية تحدد الأيديولوجيا السياسية، وهكذا، تقدم كتاباته رؤى قيمة في الانقسامات التي تستقطب ثقافتنا السياسية. وفي سياق تقييم التصورات العامة حول دور القمع والتمييز في الحد من نجاح جماعات معينة؛ يدمج سويل بين التاريخ والاقتصاد ليُظهر أن أفضل الفرص بالنسبة لجميع الناس – بما فيهم السود والنساء – تأتي من خلال العمل الشاق والجهود المبذولة في السوق الحرة والمفتوحة. وعلى الرغم من أنه معروف جيدًا بكتاباته عن العِرق والثقافة؛ إلا أن تركيزه على الأسواق الحرة والمفتوحة يظهر باستمرار في كتاباته التي تمتد إلى الاقتصاد والتاريخ والسياسة الاجتماعية؛ ليحوّل -برشاقة- القضايا العاطفية المعقدة إلى موادّ واضحة وسريعة الفحص ضمن منظور عالمي وتاريخي.
ولد في عام 1930م في بيئة فقيرة خلال فترة الكساد الكبير؛ ترعرع في حيّ هارلم Harlem شمال مدينة نيويورك وتعلّم منذ نشأته طبيعةَ المسؤولية والجهد الذاتي. وعلى الرغم من أنه غادر المنزل مبكرًا قبل إكمال دراسته الثانوية؛ إلا أنه حازَ إجازة في الاقتصاد (بامتياز مع مرتبة الشرف) من جامعة هارفارد في عام 1958 م، وشهادة الماجستير في الاقتصاد أيضًا من جامعة كولومبيا في عام 1959 م، وشهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة شيكاغو في عام 1968 م. ألَّف العديد من الكتب في الاقتصاد، بما فيهم “أساسيات الاقتصاد: دليل المواطن للاقتصاد“، يشرح فيه سبب وجود الجوع في البلدان حيث تكون مساحات الأراضي الزراعية الغنية شاسعة، ولماذا يكثر المشردون في مدينة نيويورك في المباني السكنية المهجورة، ولماذا وصلت نسبة البطالة إلى 25٪ في خلال فترة الكساد الكبير. وفي سبيل شرح هذه الحقائق، يوضح كيف أدت الفجوة بين المعرفة والقرارات إلى عواقب غير مقصودة وغالبًا مأساوية، وقد طَوَّر هذا الموضوع في عديد من منشوراته، علّ أبرزها “المعرفة والقرارات (Knowledge and Decisions)” الذي يوازي مناقشات فريدريك هايك حول دور المعرفة في المجتمع، وذلك بالتقاطع بين النظرية الاقتصادية والفلسفة الاجتماعية. وفيه يصف كيف تتجسد المعرفة في أحكام ملايين الأفراد وتصوّراتهم، وكيف يؤثر ذلك بدوره في القرارات المؤثرة في مؤسساتنا الاقتصادية والسياسية والقانونية والمؤسسات الاجتماعية الأخرى.
يسعى سويل، بالإضافة إلى استخدام الاقتصاد لتعليمنا كيف يعمل العالم، إلى فهم كيف ولماذا تقسم الأفكارُ ثقافتنا، وفي مضمار تاريخ الأفكار، ألَّف “الماركسية” في عام 1985 م، و”تناقض الرؤى- Conflict of Vision” في عام 1987 م الذي يقدم فيه تحليلًا للرؤى المتعارضة لطبيعة البشر وكيف شكلوا المؤسسات الأخلاقية والقانونية والاقتصادية.
ربما يكون موضوعيْ العرق والثقافة أكثر الموضوعات استقطابًا من بين الموضوعات التي تعامل معها سويل مباشرة؛ فقد ساهمت كتاباته بقوة في فهمنا للقضايا المتعلقة بالعرق والثقافة والتمييز والحقوق المدنية. يذكرنا سويل أن العديد من التصريحات المثيرة حول العرق والثقافة وحتى الذكاء يمكن، بل ويجب، أن تُلخَّصَ في أسئلة اختبارية، بدلاً من أن تكون نتائجَ حتمية. أثبتت الحقائق التي كشف عنها في عديد من منشوراته ضررَ السياسات العامة القائمة على افتراضات خاطئة بالنسبة للأفراد الذين من المفروض أنها وُجدت لمساعدتهم، ويؤكد رأيه هذا مع تشريعات الحقوق المدنية وسياسة التعليم والسياسات الأخرى التي تقوض قيمة المسؤولية الفردية والجهد الذاتي. يؤدي نهج سويل أحيانًا إلى نتائج تثبت أراءً مُخالفةً للحكمة المألوفة؛ ولكنّها توضح – بنفس القدر من الأهمية- كيف أصبحت هذه الحكمة تقليدية ومحافظة.
ظهرت كتابات سويل في عدد من المجلات البحثية في مجالات مثل الاقتصاد والقانون وغير ذلك، هذا بالإضافة إلى كتبه العديدة، كما أنه معلق سياسي شهير، له ظهور واضح في الصحف والمجلات والمقالات المنتشرة على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى عموده الذي يُنشَر في أكثر من 150 صحيفة في جميع أنحاء بلاده. أضف أنه حاز جائزةَ فرانسيس بوير (Francis Boyer) من معهد American Enterprise، وهو حاليًا زميلٌ رفيع في معهد هوفر في ستانفورد، كاليفورنيا.
قراءات أُخرى :
- Sowell, Thomas. Knowledge and Decisions. New York: Basic Books, 1980.
- A Personal Odyssey. New York: Free Press, 2002.
- The Quest for Cosmic Justice. New York: Free Press, 1999.
- ترجمة: نور عبدو.
- مراجعة: محمد مطيع.
رجل عظيم