in

المعجزة الاقتصادية الإستونية

إستونيا دولة من دول البلطيق صغيرة الحجم عدد سكانها 1.4 مليون نسمة، قامت بأهم تحول اقتصادي ناجح مقارنة بدول شرق أوروبا. عانت إستونيا من ويلات اثنتين من أحقر وأشرس الدول والإيديولوجيات في تاريخ البشرية: النازية والشيوعية. وهي تعتبر اليوم واحدة من أكثر الدول تقدما اقتصاديا وحرية، وتعتبر أيضا جنة الشركات الناشئة والرائدة عالميا في قطاع التكنولوجيا والإنترنت.

في هذا المقال سأحاول تفسير الطريقة والسياسات التي نفذتها إستونيا لكي تتحول من دولة فقيرة مستعمرة من قبل الاتحاد السوفيتي إلى دولة متقدمة ورائدة عالميا.

نبذة عن تاريخ إستونيا

تعتبر إستونيا واحدة من دول البلطيق (إلى جانب ليتوانيا ولاتفيا). كانت جزءا من الرابطة الهانزية بقيادة ألمانية، وحُكمت من قبل الدنمارك، ثم السويد، ثم روسيا ابتداءً من عام 1721. لكن بعد انهيار الامبراطورية الروسية والثورة البلشفية، تمكنت إستونيا من الاستقلال لسنوات معدودة منذ سنة 1918 إلى سنة 1939 لكنها كانت سنوات بدون استقرار بسبب توسع السوفياتيين و الألمان آنذاك، و أصبحت كالألعوبة بينهما.

سنة 1939 قام الاتحاد السوفياتي باحتلال إستونيا ومن ثم تم احتلالها من قبل النازيين سنة 1941 إلى سنة 1944.

وفي سنة 1944 أعيد احتلالها من قبل الاتحاد السوفياتي إلى حد سنة 1990. وبحلول نهاية الحرب العالمية الثانية، تم ترحيل أكثر من ربع سكانها إلى سيبريا أو أعدموا أو هربوا من البلد. أصبحت إستونيا تعتبر مقاطعة تابعة للاتحاد السوفيتي، وكانت جميع عناصر المجتمع المدني الإستوني تعاني من القمع الشديد. لكن رغم كل هذا القمع لم يتمكن لا السوفيات ولا النازيون من استنفاذ ارثها الثقافي و الفكري.

ففي سنة 1988 بدأ العصيان المدني ينتشر وتعطّش المواطنون للحرية والاستقلال من قمع السوفيات. وبدأ الإستونيون ما يعرف اليوم بثورة الغناء، التي بدأت في مهرجان بإستونيا وانتشرت على نطاق واسع إلى دول البلطيق الأخرى. عرفت هذه المظاهرة كمظاهرة تاريخية لمزيد من الاستقلال. قام المواطنون بتشكيل سلسلة بشرية من أكثر من مليوني نسمة، تمتد عبر لاتفيا، ليتوانيا وإستونيا. وكان لدى جميع الدول الثلاث تجارب مماثلة من الاحتلال وطموحات مماثلة لاستعادة الاستقلال.

بدأ العديد من المواطنين في التجمع أمام البنايات العامة وأمام الرموز الشيوعية وغناء الأغاني الإستونية التقليدية في تمرد واضح على الحكومة السوفيتية، فاستخدم غورباتشوف رئيس الاتحاد السوفياتي آنذاك الدبابات لمواجهة هذه المعارضة السلمية الموحدة.

في الثمانينات بدأ الاتحاد السوفياتي بالتفكك و المعاناة من أزمات قاتلة، فبدأ بإعطاء بعض مستعمراته حق الحكم الذاتي. لكن الدول المستعمرة علمت جيدا أنه بدون استقلال شامل لن يكون هناك أي تقدم و حرية. وفي سنة 1988 صدر إعلان السيادة الإستونية. سنة 1990 تم إجراء انتخابات حرة، و سنة 1991 تم إعلان استقلال إستونيا رسميا. و تم إنشاء دستور جديد استنادا على تجارب سابقة في القانون و الحرية، واعتمدت إستونيا القانون المدني الألماني الذي يحمي تماما الملكية والعقود و الآن أصبح بإمكان إستونيا بناء مستقبلها، و للقيام بهذا اختارت طريق الحرية في حكمها السياسي و الاقتصادي.

رغم أن هناك تعددية حزبية في إستونيا و اختلافات أيديولوجية، ليس هناك انقسام أو اختلاف حقيقي بشأن القضايا الحاسمة، فجميع الأحزاب تتفق على أن الاقتصاد الإستوني يجب أن يرتكز على اقتصاد غربي حقيقي قائم على السوق الحر وأن يكون لها قضاء مستقل مهمته حماية الحرية الاقتصادية والمدنية.

سبب التقدم التقني و الاقتصادي

يمكن القول أن إستونيا هي البلد الأكثر تقدما في العالم عندما يتعلق الأمر باستخدام الإنترنت والتكنولوجيا. كان نجاح إستونيا غير محتمل فقبل ربع قرن من الزمان كانت لا تزال تحت سيطرة الاتحاد السوفياتي وواحدة من أفقر الدول في بحر البلطيق.

فكيف قامت أصغر دولة في البلطيق بتطوير ثقافة تقنية قوية، وأصبحت تعتبر واحدة من الدول المتقدمة اقتصاديا؟

بدأ هذا سنة 1992 عند صعود مارت لار (Mart Laar) للحكم كوزير أول وكان عمره آنذاك 32. ولحسن حظ إستونيا، كان مارت لار يعتبر من السياسيين المتبنين للأفكار الرأسمالية والمتحررة، الشيء الذي ساعد على التقدم الاقتصادي المهم التي عرفته إستونيا.

مارت لار يعتبر مؤرخًا، وقد قال أنه لحدود أخذه منصب حكم الدولة كان قد قرأ كتابًا واحدًا متعلقًا بالاقتصاد وهو كتاب ميلتون فريدمان (Free to Choose). وقال أنه بدا له جيدا، “لذلك ذهبنا قدما وفعلنا ذلك”.

في الفترة ما بين 1992 إلى 1994، قامت الحكومة الإستونية بزعامة مارت لار بإصلاحات اقتصادية مهمة:

– كانت أول دولة من دول شرق أوروبا المستقلة عن الاتحاد السوفيتي التي تبنت ضريبة ثابتة.

– تمت خصخصة معظم الصناعات الوطنية في مناقصات عامة و شفافة.

– تبنت نظام التجارة الحرة وقامت بإلغاء الرسوم الجمركية والإعانات. واليوم تتمركز في المرتبة السادسة من حيث اكثر دول تبنيًا للتجارة الحرة.

– تمت استعادة عملة ما قبل الحرب “الكرون” وربطها بالمارك الألماني المستقر.

– سهلت ممارسة الأعمال التجارية. يمكن تسجيل الشركات الجديدة بسلاسة وبدون تأخير، بحيث يمكنك إنشاء شركة جديدة في إستونيا في ظرف 5 دقائق.

– تم تطبيق نظام قضائي مستقل و أكثر شفافية بحيث تم استبدال المحسوبة بسيادة القانون.

كانت جميع الدول الشيوعية السابقة تعاني من فساد إرث النظام السوفيتي. ومن أجل الحد من الفساد بشكل جذري، انتقل الإستونيون إلى الحكومة الإلكترونية، حيث يمكن للمواطنين أن يقوموا بمعظم أعمالهم الضرورية مع الحكومة عبر الإنترنت، مما يقلل كثيرا من التفاعل الشخصي بين موظفي القطاع العام والشعب، فكان هذا سببا مهما في انخفاض درجة الفساد و المحسوبية و الرشوة.

واليوم تفتخر البلاد بما يمكن القول بأنه البيروقراطية الأكثر رقمية في العالم، فالحكومة ودّعت الأعمال الورقية.

في مقابلة مع الوزير الأول السابق لإستونيا (Taavi Rõivas)، قال أنه طوال ثلاث سنوات له في المنصب، كانت المرة الوحيدة التي قام فيها باستعمال الحبر لإمضاء اسمه عندما أراد توقيع كتاب في معرض للكتب. ويقول انه لم يكتب أبدا أي قانون عن طريق الحبر و الورق.

وقد حقق الإستونيون نجاحًا مهمًا مع الحكومة الإلكترونية وانتقلوا إلى ما أسموه إستونيا الإلكترونية E-Estonia.

القطاع الصناعي و الزراعي الذي كان يعتمد على إعانات الدولة ترك ليستمر من تلقاء نفسه داخل سوق الحر و بدون أي دعم للقطاعين من قبل الدولة وقد أعطى هذا نتائج إيجابية.

تم تطبيق سياسة ضريبية ناجحة، بحيث تم خفض نسبة الضرائب إلى 21 بالمائة. ولتشجيع الاستثمار تم إعفاء جميع أرباح الشركات المعاد استثمارها داخل إستونيا من الضريبة.

تقول دراسة للبنك المركزي الأوروبي إن دول البلطيق كانت جيدة بشكل خاص في استبدال المحسوبية بسيادة القانون.

–        بحيث تتمركز اليوم إستونيا في المرتبة 12 في مؤشر سيادة القانون  (World Justice Report).

–       في مؤشر الحرية الاقتصادية تتمركز إستونيا في المرتبة السابعة متفوقة على عدة دول غربية منها أمريكا، ألمانيا، كندا، بريطانيا وعدة دول أخرى متقدمة.

–       تتمركز إستونيا في المرتبة الأولى من حيث التنافسية الضريبية الدولية.

هذه الإصلاحات أعطت لإستونيا اقتصادًا مستقرًا وموازنة لميزانية الدولة، الشيء الذي خلق أرضية للتطور والنمو الاقتصادي وأعطى أهمية أكبر لمواصلة الإصلاح الاقتصادي والتوجه بسرعة نحو المزيد من الحرية الاقتصادية.

دور النظام التعليمي

لعب النظام التعليمي دورًا مهمًا أيضا في انتشار ثقافة التقنية وريادة الأعمال وسط المواطنين. فقد تم تطبيق مشروع على الصعيد الوطني لتجهيز الفصول الدراسية بالحواسيب. وبحلول عام 1998، كانت جميع المدارس متصلة بالإنترنت. في عام 2000، أعلنت الحكومة الوصول للأنترنت بالمجان للجميع، وقد أعطى هذا الطريق لنشوء الحكومة الإلكترونية وتبسيط عملها على الصعيد الوطني.

العام الماضي، في شراكة بين القطاعين العام والخاص، تم إعلان برنامج يسمى ProgeTiiger /Programming Tiger

وهو برنامج لتعليم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات أساسيات البرمجة وقد ساهم هذا في نشر ثقافة التقنية والمعلوميات بشكل مهم في إستونيا .

يقول رجل الأعمال الشهير في إستونيا هينريكوس:

“في الثمانينيات، كان كل صبي في المدرسة الثانوية يريد أن يكون نجم موسيقى الروك. الآن أصبح الجميع في المدرسة الثانوية يريد أن يصبح رجل أعمال”

تلك القرارات المبكرة مهدت الطريق لازدهار مشهد التكنولوجيا اليوم في إستونيا.

شركة سكايب و تطور ريادة الأعمال في إستونيا

 

عندما قررت فنلندا الترقية إلى الاتصالات الهاتفية الرقمية، عرضت بدالة الهاتف التناظرية القديمة الخاصة بها على إستونيا مجانا سنة 1970. ولكن إستونيا رفضت هذا الاقتراح وأقامت نظاما رقميا خاصا بها.

عندما استعادت إستونيا استقلالها سنة 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أقل من نصف سكانها كانوا يمتلكون خطًا هاتفيا والرابط الوحيد المستقل مع العالم الخارجي لديها كان هاتفًا فنلنديًا مخفيًا في حديقة وزير الخارجية. بعد عقدين، أصبحت تعتبر الأولى عالميا في التقدم التكنولوجي. فقد قام الإستونيين بتطوير الرمز Kazaa الذي كان وراء نشوء سكايب و الذي يعتبر أول شبكة للملفات المشتركة.

قدمت شركة سكايب، التي تأسست في تالين عام 2003 إضافة مهمة جدا للاقتصاد الاستوني، فقد أدت لولادة جيل من التقنيين و رجال الأعمال. رأى الناس أنه إذا كان بإمكان بعض الرجال الإستونيين أن ينشئوا شيئا مثل سكايب، فإن بإمكانهم أن يفعلوا ذلك أيضا.

فعندما اشترت شركة إيباي سكايب في عام 2005 بمبلغ 2.6 مليار دولار، أدى هذا لخلق فئة جديدة من المستثمرين الإستونيين، الذين كرسوا عشرات الملايين من اليورو من حصصهم وخبرتهم في استغلال تلك الأموال من أجل خلق شركات ناشئة جديدة في إستونيا و خلق أعمالهم الخاصة، و قد أدى هذا لجذب استثمارات أمريكية أكثر.

كما أطلق مطورو سكايب المؤسسون صندوق رأس مال استثماريًا، فكان لسكايب تأثير هائل على الأعمال في إستونيا وكانت النتيجة ظهور العديد من الشركات الناشئة. فاليوم مركز الأعمال في العاصمة تالين يضم أكثر من 150 شركة تقنية الشيء الذي ساهم في تقدم هائل للاقتصاد الإستوني.

لا ينتهي تأثير سكايب هنا. ففي عام 2011، قام واحد من مؤسسي سكايب يسمى (Taavet Hinrikus) بإنشاء شركة TransferWise وهي شركة لتحويل الأموال عبر الإنترنت، تشغل الآن أربعة طوابق من مبنى تالين وتعالج حوالي مليار دولار شهريا من التبادلات حول العالم. ومن بين المستثمرين في الشركة بيتر تيل مؤسس شركة بايبال وواحد من أهم رجال الأعمال في العالم اليوم.

ثقافة الشركات الناشئة و التقنية

إستونيا غالبا ما تلقب بأكثر دولة متقدمة رقميا في العالم، يمكنك القيام بجميع أعمالك عن طريق الأنترنت، يمكنك تسيير شركتك عن طريق الإنترنت، يمكنك توقيع المستندات، تسجيل عملك، يمكنك فتح حساب بنكي بدون أن تذهب إلى بنك أو أن تكون حتى في إستونيا، والعديد من الأشياء الأخرى التي لا يمكنك القيام بها إلا في إستونيا، عن طريق الأنترنت، بدون عراقيل حكومية أو الحاجة لإضاعة وقت في انتظار بيروقراطية القطاع العام.

ابتداءا من 2012، اختار 90 في المئة من الإستونيين الحصول على بطاقة الهوية الإلكترونية، التي يستخدمونها لجميع الخدمات على الخط تقريبا. تحتوي البطاقة على شريحة (والتي لا تحتوي فقط على معلومات عن مالك البطاقة، ولكن اثنتين من الشهادات، واحدة تستخدم لمصادقة الهوية والثانية لتقديم توقيع رقمي). توفر العديد من ميزات الأمان، بما في ذلك رقم التعريف الشخصي. البطاقة هي وثيقة هوية وسفر لاستخدامها داخل الاتحاد الأوروبي.

 

لا يستغرق الأمر سوى خمس دقائق لتسجيل شركة في إستونيا، رجال الأعمال الراغبون في بدء تسجيل شركة يمكنهم تسجيل الدخول عن طريق بطاقة الهوية الإلكترونية الوطنية وعدد قليل من النقرات، وفي وقت وجيز، يتم تأكيد نجاح العملية عن طريق البريد الإلكتروني.

هذه الخدمة وغيرها من العروض الإلكترونية التي ذكرناها من قبل هي السبب المهم لاعتبار عاصمة إستونيا تالين، في نفس مقام برلين، لندن وحتى سيليكون فالي.

إستونيا تتمركز في المرتبة 79 كأصغر دولة في العالم من حيث عدد السكان ولكنها تحمل رقمًا قياسيًا عالميا من حيث عدد الشركات الناشئة للشخص الواحد. و هذا إنجاز كبير لدولة بحجم إستونيا.

لدى الشركات الناشئة في إستونيا علاقات جيدة مع الحكومة، فصوتها يجري سماعه باستمرار، حيث تبذل الحكومة قصارى جهودها للاستجابة لرواد الأعمال والشركات الناشئة.

يقول مؤسس شركة Teleport رجل الأعمال Sten Tamkivi:

“واحد من أفضل الأشياء في إستونيا لرجل أعمال هو سلسلة صنع القرار القصيرة. قبل عامين كتبت رسالة عبر مدونتي حول سبب عدم رغبة رواد الأعمال في تأسيس شركات في إستونيا، وبعد اثني عشر شهرا كانت هناك مجموعة من التغييرات القانونية التي تمت الموافقة عليها في البرلمان والتي تعالج هذه القضايا بالضبط. لا يمكنك أن ترى خفة الحركة الحكيمة مثل هذه في أي مكان آخر في العالم!”

خرجت بعض الشركات الإستونية من فئة الشركات الناشئة. من بينها شركة سكايب وشركة بلايتاك Playtech، إحدى الأسماء الكبيرة في برامج المقامرة عبر الإنترنت، التي تم إدراجها في بورصة لندن بقيمة ما يقارب 2 مليار جنيه إسترليني.

رفع عدد السكان من خلال الهجرة الاقتصادية و الإقامة الرقمية

 

لمواكبة التوسع الاقتصادي المهم بسبب عدد السكان القليل في إستونيا وبدء الشركات في البحث عن أسواق أكبر، كان لابد لإستونيا من إيجاد حلول لهذا فكان هذا من خلال الهجرة الاقتصادية والسياسة الجديدة التي تسمى الإقامة الرقمية والتي سأقوم بشرحها لكم:

جعلت إستونيا الحصول على المواهب الأجنبية سهلًا للشركات الناشئة المحلية. في يناير 2017، أطلقت البلاد فيزا بدء التشغيل. وهدف هذه التأشيرة هو السماح لمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي بالقدوم والعمل لحساب الشركات الناشئة في إستونيا أو نقل الشركات الناشئة القائمة أو إنشاء شركات جديدة في إستونيا بشروط تفضيلية.

بالنسبة للشركات الناشئة المحلية، أصبح من الممكن توظيف المواهب الأجنبية التي تحتاج إليها بدون أي عراقيل حكومية تقريبا.

بما أن إستونيا لم يكن لديها سوى القليل من الوسائل لجذب عدد كبير من المهاجرين إلى الشمال الجليدي الأوروبي، فإنها جاءت بفكرة غير متوقعة، وهي فكرة أخرى تعتبر الأولي في العالم وهي : تقديم إقامة افتراضية للأشخاص.

قام Taavi Kotka، وهو مهندس برمجيات ورجل أعمال، بإنشاء هذا المفهوم بعد أن أصبح مسؤول الإعلام الرئيسي للحكومة في عام 2013. كتب ورقة سياسة تقول بأن السكان بحاجة إلى النمو بسرعة، واقترح استهداف 10 ملايين شخص بحلول عام 2025. وبما أن النساء الإستونيات لسن في طريقهن للحصول على 10 أطفال، فإن السياسة البديلة هي معرفة نوع المنتج الذي يمكن أن يقدمه البلد إلى بقية العالم.

بشكل مشابه إلى حد ما للشركات التي تتخذ من Delaware مقرا لها في الولايات المتحدة، يمكن للمقيمين الإلكترونيين في إستونيا الآن إدارة عملياتهم الأوروبية عن بعد والقيام بأعمال تجارية باليورو.

يقول Taavi Kotka، الذي يعمل الآن كمستشار للشركات الناشئة الإستونية:

“نحن نريد أن نكون مكتبا للشركات الصغيرة و المتوسطة، لأن هذا هو أساس بلدنا، لا يمكنك النمو بدون زبائن”.

تم إطلاق أول بطاقات الإقامة الإلكترونية في إستونيا في ديسمبر 2014. و الرقائق داخلها مطابقة لبطاقة الهوية الرقمية الإستونية ولكن لا تمتاز بنفس حقوق المواطنين، مثل التصويت أو المعاشات التقاعدية العامة ولا يمكن استخدامها كوثيقة سفر، وليس هناك أي إلزام لحاملها بدفع الضرائب في إستونيا.

هذا لا يجعل إستونيا ملاذا ضريبيا: إذ أنها تقضي بأن يدفع السكان الإلكترونيون ضرائبهم إلى أي بلد يدينون له بضرائب. ولكن مقابل رسوم قدرها 145 يورو (حوالي 154 دولارا)، يمكن للمقيمين الإلكترونيين تسجيل الشركات في إستونيا، بغض النظر عن مكان إقامتهم، والحصول على الوصول التلقائي إلى السوق المشتركة العملاقة للاتحاد الأوروبي: حوالي 440 مليون مرة نسمة.

من بين حوالي 18 ألف من السكان الرقميين المقيمين حتى الآن، تم إنشاء حوالي 1400 شركة في إستونيا. وفي المتوسط، تنفق كل شركة من هذه الشركات ما يقارب الـ55 يورو (حوالي 58 دولارا) شهريا على المحاسبة وإدارة المكاتب في إستونيا.

ويقول Kaspar Korjus، المدير الإداري لبرنامج الإقامة الإلكترونية:

“مكتبي يستضيف حوالي 500 وفد سنويا. وحتى الآن فإن نموذج الإيرادات الوحيد بالنسبة للبلدان هو الضرائب، لكن إذا حصلنا على 10 ملايين من السكان الإلكترونيين الذين يدفعون 100 دولار شهريا، فإننا لن نحتاج بعد إلى فرض ضرائب على المواطنين”.

النتائج و المراكز التي تحتلها إستونيا اليوم:

–        سنة 1993 كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إستونيا يساوي 3000 دولار، اليوم يساوي 18 ألف دولار.

–       تتمتع إستونيا بأكبر نمو للدخل الفردي الحقيقي لأي من الدول السوفياتية السابقة.

–        سنة 2007 أصبحت إستونيا أول دولة في العالم تسمح بانتخابات عبر الإنترنت.

–       تحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث سرعة الأنترنت.

–       تحتفظ أيضا برقم قياسي في الشركات الرائدة للشخص الواحد. سكانها المليون و 300 ألف كلهم يقومون بدفع معاليم وقوف السيارات عن طريق هواتفهم المحمولة ويقومون بتخزين سجلاتهم الصحية في السحابة الرقمية The digital cloud ويستغرق إيداعهم للإقرار الضريبي السنوي على الإنترنت حوالي خمس دقائق.

–       وفقا للبنك الدولي، تم إنشاء أكثر من 14 ألف شركة جديدة في إستونيا سنة 2011، أي بزيادة 40% عن نفس الفترة سنة 2008. وتمثل الصناعات ذات التقنية العالية الآن نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي.

–       تتمركز في المرتبة 13 في مؤشر الحرية البشرية Human freedom index.

–       نسبة الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي تساوي 9.6% من النسب الأقل عالميا.

التقدم الاقتصادي الناجح في إستونيا كان سببه تبني الدولة لنظام اقتصاد السوق الحر. الاقتصاد الحر كان ولا زال دائمًا هو السبب الرئيسي للازدهار.

 مصادر ومراجع للتوسع:

  • http://data.worldjusticeproject.org/
  • https://www.heritage.org/index/ranking
  • http://bit.ly/2ynBV0b
  • http://bit.ly/2Hpw4HR
  • http://bit.ly/2FvyJ24
  • http://bit.ly/2HmzxXw
  • http://bit.ly/2DgOrfH
  • http://bit.ly/2oYXxcm
  • http://bit.ly/2FxoYAl
  • http://bit.ly/2tzhxHh
  • http://bit.ly/2FvzJDm
  • http://bit.ly/2oYXxcm
  • http://bit.ly/2GbG3Rv
  • http://for.tn/2qaoEAe
  • http://bit.ly/2HpuVjx
  • http://econ.st/2CFh3no
  • http://bit.ly/2HlG8kY
  • http://bit.ly/2ttBkIo
  • http://bit.ly/2Hpw4HR
  • http://bit.ly/2txCYZp

ما تقييمك لهذا الموضوع؟

كتب بواسطة محمد مطيع

خبير ومحلل اقتصادي، مهتم بالفلسفة، السياسة و الأدب الروسي. أكتب مقالات اقتصادية و سياسية بهدف إغناء المحتوى العربي و الشمال إفريقي بمواضيع و أفكار الحرية، الرأسمالية و الفردانية .

تعليقين

أترك تعليقاً
  1. Estonia is the most beautiful country in the world for me and I would like to visit it soon. And I hope to be there to volunteer to help and accompany the elderly in these circumstances (COVID19) because I love them so much, because they are the original reason for preparing a good people of races.
    Estonia, you are the country of progress and prosperity and the rule of law.
    Well done to the struggling people of Estonia and thank you for a distinguished and honest government.

  2. سؤال ⁉️ هل شركة success factory حقيقية للاستثمار ومرخصة من وزارة الشؤون الاقتصادية في دولة أستونيا ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل الطرق لطلب زيادة على الراتب في العمل

معضلة الملك